الجمعة، 16 مارس 2018

قراءة تحليلية : في رحلة التنازل عن قضية القدس المحتلة إنعاش ذاكرة الأمة الإسلامية - ( للحاضر والغائب)


قراءة  تحليلية : في رحلة التنازل عن قضية القدس المحتلة

إنعاش ذاكرة الأمة الإسلامية - ( للحاضر والغائب) 

((بين حلم نصف قرن وصفقة القرن)) 


"مَنْ كان يؤمن أنّ جامعة الدول العربيّة التي اعتمدت لاءات الخرطوم في العام 1969 بزعامة الرئيس المصريّ الراحل، جمال عبد الناصر: “لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض”، مَنْ كان يؤمن أنّ الجامعة العربيّة نفسها ستقوم في العام 2002 بنسف لاءات الخرطوم، وعرض خطّة سلامٍ مع إسرائيل تعتمد على انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلّتها في عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، مُقابل التطبيع الكامل والشامل مع الدولة العبريّة."                                                                                                                                                                                                                         (  شمعون بيريز  1923-2016)    




المصدر / ويكيبيديا عدسة :عماد الدين المقدسي - عمل شخصي المسجد الأقصى هو كل المنطقة المظللة بالأزرق



أولاً : الوقوف على الأطلال    


القدس ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده بل قضية كل الأمة الإسلامية وخير دليل على ذلك أن منظمة التعاون  الإسلامية المكونة من 57 دولة لم تتكون إلا بعد حريق الأقصى في 21 آب . أغسطس 1969 حيث طرح وقتها مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس ، وذلك كمحاولة لايجاد قاسم مشترك بين جميع  المسلمين بمختلف أعراقهم وألسنتهم وألوانهم ولغاتهم ، اجتمعوا كلهم في الرباطفي 1969  حينها وبعد الإجتماع الأول وتم إختيار جدة كمقراً مؤقتاً للمنظمة لحين تحرير القدس لتكون المقر الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي .... ظل المسلمون يراودهم  حلم تحرير القدس  قرابة نصف القرن ولم يتحقق.

عقدت القمة الرابعة لجامعة الدول العربية في العاصمة السودانية الخرطوم في 29  أغسطس 1967  بعد هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة  ، عرفت هذه  القمة باسم قمة اللاءات الثلاثة حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثةلا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن تعود القدس المغتصبة . قبل أن تنفض القمة توافق الزعماء العرب حينها على سبع توصيات :
·    وحدة الصف العربي
·  ضرورة توحيد جميع الجهود للقضاء على آثار العدوان الإسرائيلي على أساس أن الأراضي المحتلة هي أراضي عربية، وأن عبء استعادة هذه الأراضي يقع على عاتق جميع الدول العربية.
·  توحيد الجهود السياسية على الصعيد الدولي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان, وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية التي كانت تحتلها منذ عدوان 5 حزيران 
·   أوصى وزراء المالية والاقتصاد العرب باستخدام وقف ضخ النفط كسلاح في المعركة
·  إنشاء الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على أساس توصية من وزراء الاقتصاد والمالية والنفط العرب في مؤتمر بغداد.
·     اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز الاستعداد العسكري لمواجهة كل الاحتمالات.
·     القضاء على القواعد الأجنبية في الدول العربية.
·    كان من ابرز نتائج قمة الخرطوم تقديم كل من السعودية والكويت وليبيا دعما ماليا سنويا للدول المتضررة من العدوان الإسرائيلي حيث خصص مبلغ 147 مليون جنيه استرليني لكل من مصر والأردن.

ثانياً  : التخلص من الأطلال

Ø      تكللت جهود الرئيس الإسرائيليّ السابق الملقب بالثعلب السرمدي مهندس تأجيج الصراع بين السنة والشيعة بل يمكننا القول أنّ بيريز قد نجح في تحقيق أحلام بن غوريون قد تحققت بالقضاء على الجيوش العراقية والسورية ، وكلما اشتد الصراع السني – الشيعي كلما بعدت بينهم الشقة وتأزم الوضع. تحدث بيريز في كتابه الذي صدر حديثاً بعد مماته " لا مكان للأحلام الصغيرة " قائلاً (لولا الاتفاق مع محمود عبّاس والتوقيع على أوسلو، لكانت إسرائيل وجدت نفسها في مُواجهةٍ مُستمرّةٍ مع حركة حماس فقط، مُوضحًا أنّ الاتفاق سمح لعبّاس وللزعماء العرب الآخرين بتبنّي خطاب السّلام أمام جماهيرهم والإعلان بشكلٍ صريحٍ عن نبذهم للإرهاب) انتهى.

Ø       ويواصل مهندس إتفاقية أوسلو قائلاً (إتفاق أوسلو لم  يُحقق جميع الطموحات الإسرائيليّة ، ولكنّه كان بداية التحول  في الوطن العربيّ ، وكان الإتفاق بمثابة ثورةٍ على المفاهيم التي تمسّك بها العرب منذ إقامة إسرائيل في العام 1948) إنتهى. لو أمعنا النظر وأعدنا قراءة ما بين سطورإتفاقية أوسلو - اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993-  التي تم  تنفيذها بعناية وبنفس طويل لتحقيق الإستراتيجية الصهيونية تنفيذاً لـــــــ "بروتوكلات حكماء صهيون" (1)

            بعد توقيع إتفاق أوسلو نجح حاخامات بني صهيون وساستهم في القضاء على ما تبقى من أطلال لوضع حجر الأساس لدولتهم المنشودة ، ولكن لم ولن تتوقف  أحلامهم  عند تلك  المحطة   بل تلتها عدة محطات خدمت وعززت وجود   الكيان الصهيوني  :
v   محطةرقم 1  وادي عربة : حسمت النزاعات الحدودية بين الأردن والكيان الصهيوني
v  محطةرقم 2  اتفاقية كامب ديفيد  اتفاقية تم التوقيع عليها في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ولاية ميريلاند القريب من عاصمة الولايات المتحدة واشنطن.
v   محطةرقم 3  قيام سفارات إسرائيلية في أكثر من دولة عربية منها المعلن والمخفي
v   محطة رقم 4  العلاقات التجارية بين الكثير من الدول العربية في السر والجهر.
v  محطة رقم 5  سفارات دول إسلاميةوأفريقية  في  تل أبيب  ( تركيا حتى 2010 ، مصر حتى الآن وغيرها الكثير من الدول الإفريقية مثل غانا ونيجيريا وأنغولا وساحل العاج)
v  محطةرقم 6  نقل يهود الفلاشامن إثيوبيا إلى تل أبيب عبر الحدود السودانية في عهد جعفر نميري ( صفقة سرية لتهريب الفلاشا عبر البحر الأحمر)
v   محطةرقم 7  نقل اليهود اليمنيين  من اليمن ) عملية البساط السحري تم نقل قرابة 50 ألف يهودي ).

ثالثاً  :الغَزَل لتحقيق التطبيع الكامل بين الدول العربية والإحتلال ( جاري العمل............)


               بعد  رحيل الثعلب السرمدي تم تسليم الراية للخليفة نتنياهو الذي وضع خطته التي باعها للحكومة الأمريكية لتنفيذها بحذافيرها بعد أن ألبسوها ثوباً جديداً وسموها" صفقة القرن"  وهنالك مساعي سرية وبعضها معلن للترويج لهذه الصفقة للفلسطينيين والعرب التي تسرب منها القليل وما خفي أعظم ، هذه بعض التسريبات التي أعلنتها الصحف الأوربية منها " Middle East Eye  ":
·   نقلت الصحيفة البريطانية  عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، أن فريقاً أميركياً بصدد وضع اللمسات الأخيرة على "الاتفاق النهائي" الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والذي يعرف بـ"صفقة القرن".
· إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية.
· توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة.
· وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة.
·  مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية.
· إستثمارات عربية ضخمة قد تصل لـــــــــــــــــــــــــــــ 20 مليون دولار  في فلسطين كإغراءات للسلطة الفلسطينية بقبول الصفقة.

رابعاً  : بين حلم العرب لنصف قرن بتحرير القدس وبين تنفيذ صفقة القرن  


           هل ستنجح خطة نتنياهو بتحقيق العلو لدولة إسرائيل والسيطرة على العالم؟ كما خطط حكماءهم وهل نعيش الآن في العلو الأول أم الثاني؟؟؟  فبعض المفسرون   إجتهدوا  واختلفوا   مع تفسير الإمامين  الحافظ بن كثير والإمام الطبري في تفسير الأية الكريمة التي ورد ذكرها في سورة الإسراء وهي قوله تعالى "  وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7" . فالطبري يرى أن كلا  المرتين من علو بني إسرائيل   قد مضيا كما ذكر في تفسيره أن فسادهم الأول كان قتلهم لنبي الله زكريا فسلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف  - ملك فارس- وفسادهم الثاني كان قتلهم لنبي الله يحيى فسلط الله عليهم بختنصر –ملك بابل- ، ويرى معظم المفسرين أن علو بني إسرائيل الأول قد حصل  والثاني لم يحصل بعد ،أما  قليل من المجتهدين  يعتقدون بعدم حدوثه بعد.
         هل واقعنا الراهن هو العلو الأول لبني إسرائيل ؟؟؟ وهل سننجح في طرد الصهاينة من المسجد الأقصى مع هذه التنازلات والتراخي ؟؟ لوسلمنا بأن العلو الأول قد حصل وتوجهنا إلى الله و توحدنا كمسلمين فقط ونسينا إختلاف الألسن والأعراق والألوان   ، ونصر بعضنا البعض  في العالم  لنجحنا  في إقتلاعهم من جزورهم لأن الله ينصر من  ينصره بنص القرآن في قوله تعالى " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40).
                                             " أيهما يصبح واقعاً حلم نصف القرن أم صفقة القرن "


                                                                                         عبد السلام محمد حسين - مارس 2018

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية