الثلاثاء، 25 فبراير 2014

لغة القرآن الكريم
وروى أبو عبيد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال‏:‏ نزل القرآن على سبع لغات منها خمسٌ بلغة العَجُز من هوازن وهم الذين يقال لهم عُلْيا هوازن وهم خمس قبائل أو أربع منها سعد بن بكر وجُشَم بن بكر ونَصْر بن معاوية وثقيف‏.‏
قال أبو عبيد‏:‏ وأحسب أفصحَ هؤلاء بني سعد بن بكر وذلك لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنا أفصح العرب بَيْدَ أني من قريش وأني نشأْتُ في بني سعد بن بكر‏.‏
وكان مُسْتَرْضعاً فيهم وهم الذين قال فيهم أبو عمرو بن العلاء‏:‏ أفصحُ العرب عُلْيا هَوازن وسُفْلَى تميم‏.‏
وعن ابن مسعود‏:‏ إنه كان يُسْتَحَبُّ أن يكون الذين يكتبون المصاحفَ من مُضَر.
وقال عمر‏:‏ لا يُمْلِيَنَّ في مصاحفنا إلا غِلْمان قريش وثقيف‏.‏
وقال عثمان‏:‏ اجعلوا المُمْلِي من هُذَيل والكاتبَ من ثقيف‏.‏
قال أبو عبيدة‏:‏ فهذا ما جاء في لغات مضر‏.‏
وقد جاءت لغاتٌ لأهلِ اليمن في القرآن معروفةٌ، ويروى مرفوعاً‏:‏ نزل القرآن على لغة الكَعْبَيْن كعب بن لُؤَيّ وكعب بن عمرو وهو أبو خزاعة‏.‏
وقال ثعلب في أماليه‏:‏ ارتفعت قريشٌ في الفصاحة عن عَنْعَنَةِ تميم وتَلْتَلةِ بَهْرَاء وكَسْكَسَة ربيعة وكَشْكَشَةِ هَوَازن وتضجع [قيس] وعجرفيه ضبّة، وفسّر تَلْتَلَة بَهْرَاء بكسر أوائل الأفعال المُضَارعة‏.‏
وقال أبو نصر الفارابي في أول كتابه المسمّى بالألفاظ والحروف‏:‏ كانت قريشٌ أجودَ العرب انتقاداً للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النُّطْق وأحسنها مسموعاً وأبينها إبانَة عمّا في النفس، والذين عنهم نُقِلت اللغة العربية وبهم اقْتُدِي وعنهم أُخِذَ اللسانُ العربيٌّ من بين قبائل العرب هم‏:‏ قيس وتميم وأسد فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثرُ ما أُخِذ ومعظمه وعليهم اتُّكل في الغريب وفي الإعراب والتَّصْريف ثم هذيل وبعض كِنانة وبعض الطائيين ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم‏.‏

وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضَريٍّ قطّ ولا عن سكَّان البَرَاري ممن كان يسكنُ أطرافَ بلادِهم المجاورة لسائر الأمم الذين حولهم فإنه لم يؤخذ لا مِنْ لَخْم ولا من جذَام لِمُجاوَرتهم أهل مصر والقِبْط ولا من قُضاعة وغَسَّان وإياد لمجاورتهم أهل الشام وأكثرهم نصارى يقرؤون بالعبرانية ولا من تغلب واليمن فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان ولا من بكر لمجاورتهم للقبط والفرس ولا من عبد القيس وأَزْدعُمَان لأنهم كانوا بالبحرين مُخالطين للهِند والفُرس ولا من أهل اليمن لمخالطتهم للهند والحبشة ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة ولا من ثقيف وأهل الطائف لمخالطتهم تجّار اليمن المقيمين عندهم ولا من حاضرة الحجاز لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدؤوا ينقلون لغةَ العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم وفسدت أَلسِنتهم والذي نقل اللغةَ واللسانَ العربيَّ عن هؤلاء وأَثْبَتها في كتاب فصيَّرها عِلْماً وصناعة هم أهلُ البصرة والكوفة فقط من بين أمصار العرب‏.‏

من كتاب فصول في فقه اللغة