الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك (1)



كل اهل السودان يعشقون الاستماع الى اقوال الشيخ فرح حكيم زمانه الذي كان يلجأ اليه من عاصروه لفض المشاكل والخلافات بحكمة  حتي أسموه (فرح ود تكتوك حلال المشبوك) لانه يعالج المسائل المعقدة بين الناس ببساطة يستوعبها الامي ويستعجب منها المتعلم لان كل كلماته تمثل درة في عقد من اللؤلؤ الذي نظمه ،هذه الحكم  يحفظها اجدادنا عن ظهر قلب ، اما جيلنا الحالي يحفظ منها القليل وربما تجد بعض من الشباب في زماننا هذا  لم يسمع بابينا الشيخ فرح
من هو الشيخ فرح :
الشيخ فرح ود تكتوك، حلال المشبوك (و.1689م/1100هـ) هو الشيخ فرح بن محمد بن عيسى بن قدور بن عبدل بن عبد الله بن محمد الأبطح – وهو الذي تنسب إليه قبيلة البطاحين. وهو أشهر شعراءسلطنة سنار. أما اللقب "تكتوك" ففيه عدة روايات. الأولى تقول أنه لقبٌ لأبيه لحق به. أما الروايتان الأخريتان فتلصقان اللقب به شخصيًا؛ فتقول إحداها، "أن أحد أشياخه دعا عليه – لفعلٍ ما صدر منه وهو صبي – فسقط مغشيًا عليه، وصار صدره "يتكتك" – أي يصدر صوتًا. أما الرواية الأخرى فتقول أن سبب اللقب جاء من أن صدره كان يسمع "تكتيكًا" – من كثرة قراءة القرآن.
الشيخ "فرح ود تكتوك" واحد من الشخصيات العلمية السودانية التي اختلطت فيها الأسطورة بالواقع في التراث الشفهي الشعبي.. وهذا أمر مرده إلى ضعف النقل للثقافة الوطنية عبر الأجيال.. للطبيعة الصوفية التي انطبعت بها الذهنية الشعبية، حيث تميل إلى حفظ قصص الكرامات والخوارق أكثر من تسجيل الأحداث. والواقع أن الشيخ فرح – رغم اختلاط سيرتة بكثير من الأساطير والحكايات بعضها وافد من خارج البلاد – إلا أنه شخصية حقيقية وجدت وعاشت في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري – السابع عشر الميلادي – بل هو من الفقهاء الذين كان لهم إسهام واضح ودور تاريخي في قمع البدع ومحاربة الانحرافات السلوكية والعقدية في عصره. حتى عده البعض من الجذور المبكرة للتيار السلفي بالسودان.

الميلاد والنشاة:

تاريخ ميلاد الشيخ فرح محل خلاف فبينما يذهب نعوم شقير – في جغرافية وتاريخ السودان – إلى أن ذلك كان في حوالي عام 1100هـ.
درس على يد عدد من أشهر فقهاء زمانه، منهم الشيخ "أرباب العقائد"، و"الخطيب عمار بن عبد الحفيظ"، و"الخطيب عبد اللطيف بن الخطيب عمار" .. وتنقل في بداية حياته في طلب العلم من مكان إلى آخر حتى استقر به المقام في قرية "الحجيرات" قريبًا من سنار. واجتمع حوله تلاميذ ومريدون شكل بهم مدرسة اجتماعية قوامها العمل والكدح، على خلاف ما كانت عليه عادة المتصوفة والمشايخ في زمانه من التبطل والانقطاع .

وفاة الشيخ فرح ود تكتوك
يرجح الأستاذ الطيب محمد الطيب أن وفاة الشيخ فرح كانت يوم الأحد العشرين من ربيع الثاني سنة 1147هـ .. وكان قد أصيب بالحُمى التي لازمته خمسة أيام .. توفي عن مائة وبضع سنين، وتم دفنه ظهر يوم الاثنين "بمشرع" – مرسى – الحجيرات. ويقع الآن قرب خزان سنار.
من اقوال الشيخ فرح المشهورة :

(1) ينسب إلى الشيخ فرح وتكتوك أنه قال فى زمن لم يعرف فيه الناس   التليفون أو السفر بالقطار "قال آخر الزمن السفر يبقي بالبيوت والكلام يبقى بالخيوط" وقصد من هذه المقولة ان التقدم العلمي سيوصل الناس الي يكون سفرهم بالبيوت (يعني القطار) وستكون وسيلة التواصل بالخيوط( يعني اسلاك الكابلات) ولعل التكنولوجيا الان اوصلتنا الي ماهو ابعد من ذلك واضحي التواصل بدون خيوط ولا اسلاك (wireless)  .
(2) ورغم إكثار الشيخ فرح من استعمال العامية السودانية إلا أنه فصيح اللسان نظم الشعر بالفصحى الرصينة موجهًا خطابه إلى من يفهم معناها مثل الفقهاء والمعلمين .. وفي هذا السياق تأتي قصيدته النونية التي يشجب فيها اندفاع الفقهاء إلى خطب ود السلاطين والأمراء، والتي قال فيها:

يا واقفًا عند أبواب السلاطين                    إرفق بنفسك من همٍ وتحزين
تأتي بنفسك في ذلٍ ومسكنة                وكسر نفس وتخفيض وتهوين
من يطلب الخلق في إنجاز مصلحة       أو دفع ضر فهذا في المجانين
وكم يحاكي لمسجون يدوم له                 وكم من السجن في أيدي المساجين
إن كنت تطلب عزاً لافناء له                فلا تقف عند أبواب الســـــــــــــلاطيـــن
إلا الزم العلم والتقوي ومانتجت          من الثمار تفز بالخرَّد العيـــــــــــــــــــــــن
خلِّ الملوك بدنياهم وما جمعوا           وقم بدينك من فرض ومســــــــــــنون
استغن بالله عن دنيا الملوك كما         أستغنى الملوك بدنياهم عن الدين


رحمك الله يا شيخ فرح واسكنك فسيح جناته .



المصادر :
الدكتور إحسان عباس (2003).